عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أَبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر جندب بن جُنادة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي، عن اللهِ تَبَاركَ وتعالى، أنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ عَلَى نَفْسي وَجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ ضَالّ إلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ. يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أطْعَمْتُهُ فَاستَطعِمُوني أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ. يَا عِبَادي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيلِ وَالنَّهارِ وَأَنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئًا. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذلِكَ من مُلكي شيئًا. يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُوني فَأعْطَيتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلاَّ كما يَنْقصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ. يَا عِبَادي، إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيرًا فَلْيَحْمَدِ الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ».<br>قَالَ سعيد: كَانَ أَبُو إدريس إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جَثا عَلَى رُكبتيه. رواه مسلم.<br>وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قَالَ: لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث .
عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أعْذَرَ الله إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أجَلَهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً». رواه البخاري.<br>قَالَ العلماء: معناه لَمْ يَتْرُكْ لَهُ عُذرًا إِذْ أمْهَلَهُ هذِهِ المُدَّةَ. يقال: أعْذَرَ الرجُلُ إِذَا بَلَغَ الغايَةَ في العُذْرِ.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ عمر - رضي الله عنه - يُدْخِلُنِي مَعَ أشْيَاخِ بَدرٍ فكأنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ في نفسِهِ، فَقَالَ: لِمَ يَدْخُلُ هَذَا معنا ولَنَا أبْنَاءٌ مِثلُهُ؟! فَقَالَ عُمَرُ: إنَّهُ منْ حَيثُ عَلِمْتُمْ! فَدعانِي ذاتَ يَومٍ فَأدْخَلَنِي مَعَهُمْ فما رَأيتُ أَنَّهُ دعاني يَومَئذٍ إلاَّ لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تقُولُون في قولِ الله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}؟ [الفتح: 1] فَقَالَ بعضهم: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِذَا نَصَرنَا وَفَتحَ عَلَيْنَا، وَسَكتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيئًا. فَقَالَ لي: أَكَذلِكَ تقُول يَا ابنَ عباسٍ؟ فقلت: لا. قَالَ: فما تقول؟ قُلْتُ: هُوَ أجَلُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} وذلك علامةُ أجَلِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَقَالَ عمر - رضي الله عنه: مَا أعلم مِنْهَا إلاَّ مَا تقول. رواه البخاري.
عن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا صلّى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بَعْدَ أَنْ نَزَلتْ عَلَيهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} إلاَّ يقول فِيهَا: «سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي رواية في الصحيحين عنها: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يقُولَ في ركُوعِه وسُجُودهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»،<br>يَتَأوَّلُ القُرآنَ. معنى: «يَتَأَوَّلُ القُرآنَ» أي يعمل مَا أُمِرَ بِهِ في القرآن في قوله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}. وفي رواية لمسلم: كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبلَ أَنْ يَمُوتَ: «سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إلَيْكَ». قَالَتْ عائشة: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، مَا هذِهِ الكَلِماتُ الَّتي أرَاكَ أحْدَثْتَها تَقُولُهَا؟ قَالَ: «جُعِلَتْ لي عَلامَةٌ في أُمَّتِي إِذَا رَأيْتُها قُلتُها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ... إِلَى آخِرِ السورة».<br>وفي رواية لَهُ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ مِنْ قَولِ: «سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمدِهِ أسْتَغفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْهِ». قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، أَراكَ تُكثِرُ مِنْ قَولِ سُبحَانَ اللهِ وَبِحَمدهِ أسْتَغْفِرُ اللهَ وأتُوبُ إِلَيْه؟ فَقَالَ: «أخبَرَني رَبِّي أنِّي سَأرَى عَلامَةً في أُمَّتي فإذا رَأيْتُها أكْثَرْتُ مِنْ قَولِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمدهِ أسْتَغْفرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْه فَقَدْ رَأَيْتُهَا: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} فتح مكّة، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}».
عن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ اللهَ - عز وجل - تَابَعَ الوَحيَ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَبلَ وَفَاتهِ حَتَّى تُوُفِّيَ أكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيهِ». رواه مسلم.
عن أبي ذر جُنْدبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله، أيُّ الأعمالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الإِيمَانُ باللهِ وَالجِهادُ فِي سَبيلِهِ». قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أنْفَسُهَا عِنْدَ أَهلِهَا وَأَكثَرهَا ثَمَنًا». قُلْتُ: فإنْ لَمْ أفْعَلْ؟ قَالَ: «تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ». قُلْتُ: يَا رَسُول الله، أرأيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ العَمَلِ؟ قَالَ: «تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ». مُتَّفَقٌ عليه.<br>«الصَّانِعُ» بالصاد المهملة هَذَا هُوَ المشهور، وروي «ضائعًا» بالمعجمة: أي ذا ضِياع مِنْ فقرٍ أَوْ عيالٍ ونحوَ ذلِكَ، «وَالأَخْرَقُ»: الَّذِي لا يُتقِنُ مَا يُحَاوِل فِعلهُ.
عن أبي ذر أيضًا - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقةٌ: فَكُلُّ تَسبيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَة، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعرُوفِ صَدَقةٌ، ونَهيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقةٌ، وَيُجزِىءُ مِنْ ذلِكَ رَكْعَتَانِ يَركَعُهُما مِنَ الضُّحَى». رواه مسلم.<br>«السُّلامَى» بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم: المفصل.
قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّريقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِىءِ أعمَالِهَا النُّخَاعَةُ تَكُونُ في المَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ». رواه مسلم.
عَنْهُ: أنَّ ناسًا قالوا: يَا رَسُولَ الله، ذَهَبَ أهلُ الدُّثُور بالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: «أَوَلَيسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ بِهِ: إنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقةً، وَكُلِّ تَكبيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأمْرٌ بالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قالوا: يَا رسولَ اللهِ، أيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيتُمْ لَوْ وَضَعَهَا في حَرامٍ أَكَانَ عَلَيهِ وِزرٌ؟ فكذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا في الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ». رواه مسلم.<br>«الدُّثُورُ» بالثاء المثلثة: الأموال وَاحِدُهَا: دثْر.