211 - باب استحباب سجود الشكر عِنْدَ حصول نعمة ظاهرة أَو اندفاع بلية ظاهرة
1159 - عن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكّةَ نُريدُ المَدِينَةَ، فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرَاءَ نَزَلَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا الله سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا، فَمَكَثَ طَويلًا، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا - فَعَلَهُ ثَلاثًا - وقال: «إنِّي سَألتُ رَبِّي، وَشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأسِي، فَسَألْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأعْطَانِي الثُّلثَ الآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي». رواه أَبُو داود.
212 - باب فضل قيام الليل
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، وقال تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} [السجدة: 16] الآية، وقال تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17].<br>1160 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، يَا رَسُولَ الله، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ؟ قَالَ: «أفَلاَ أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا!». متفقٌ عَلَيْهِ.
وَعَن المُغِيرَةِ بن شُعبة نَحْوهُ متفقٌ عَلَيْهِ.
1161 - وعن علي - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلًا، فَقَالَ: «أَلاَ تُصَلِّيَانِ؟». متفقٌ عَلَيْهِ.
«طَرَقَهُ»: أتَاهُ لَيْلًا.
1162 - وعن سالم بن عبدِ الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيِهِ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ» قَالَ سالِم: فَكَانَ عَبدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَنامُ مِنَ اللَّيلِ إِلاَّ قَلِيلًا. متفقٌ عَلَيْهِ.
1163 - وعن عبد الله بن عَمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبدَ اللهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1164 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ: في أُذُنِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1165 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ، انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلاَّ أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
«قافية الرَّأس»: آخِرُهُ.
1166 - وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ: أفْشُوا السَّلامَ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
1167 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ: صَلاَةُ اللَّيْلِ». رواه مسلم.
1168 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1169 - وعنه، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
1170 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأيْتَهُ. رواه البخاري.
1171 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً - تَعْنِي في اللَّيلِ - يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ المُنَادِي للصَلاَةِ. رواه البخاري.
1172 - وعنها، قالت: مَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزيدُ - في رَمَضَانَ وَلاَ في غَيْرِهِ - عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي أرْبَعًا فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا. فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَة، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1173 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنَامُ أوّلَ اللَّيلِ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي. متفقٌ عَلَيْهِ.
1174 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْر سوءٍ! قيلَ: مَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أجِلْسَ وَأدَعَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
1175 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ البَقرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فقلتُ: يُصَلِّي بِهَا في رَكْعَةٍ فَمَضَى، فقلتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا: إِذَا مَرَّ بآيةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ» ثُمَّ قَامَ طَويلًا قَريبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فَكَانَ سجُودُهُ قَريبًا مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم.
1176 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ الصَّلاَةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ القُنُوتِ». رواه مسلم.
المراد بـ «القنوتِ»: القِيام.
1177 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَومًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا». متفقٌ عَلَيْهِ.
1178 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ الله تَعَالَى خَيْرًا مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». رواه مسلم.
1179 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلاَةَ بركْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». رواه مسلم.
1180 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. رواه مسلم.
1181 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِن اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشرَةَ ركْعَةً. رواه مسلم.
1182 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فيما بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْرِ وصلاة الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ». رواه مسلم.
1183 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى وَأيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ وَأيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإن أبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
1184 - وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما، قالا: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح .
1185 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في الصَّلاَةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1186 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ القُرْآنَ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِع». رواه مسلم.
213 - باب استحباب قيام رمضان وَهُوَ التراويح
1187 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1188 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ ، فيقولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه مسلم.
214 - باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1] إِلَى آخرِ السورة، وقال تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] الآياتِ.<br>1189 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1190 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رِجالًا مِنْ أصْحَابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1191 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ويقول: «تَحَرَّوا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1192 - وعنها رضي الله عنها: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». رواه البخاري.
1193 - وعنها، رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ، أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ . متفقٌ عَلَيْهِ.
1194 - وعنها، قالت: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْتَهِدُ في رَمَضَانَ مَا لاَ يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْهُ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ. رواه مسلم.
1195 - وعنها، قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
215 - باب فضل السواك وخصال الفطرة
1196 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1197 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِن النَّومِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
«الشَّوْصُ»: الدَّلْكُ.
1198 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كُنَّا نُعِدُّ لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوضَّأُ وَيُصَلِّي. رواه مسلم.
1199 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ في السِّوَاكِ». رواه البخاري.
1200 - وعن شريح بن هانىءٍ، قَالَ: قلت لعائشة رضي اللهُ عنها: بأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قالت: بِالسِّوَاكِ. رواه مسلم.
1201 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قَالَ: دَخلتُ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.
1202 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ». رواه النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ بأسانيدَ صحيحةٍ.
1203 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ : الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الإبطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
«الاستحْدَادُ»: حَلقُ العَانَةِ، وَهُوَ حَلْقُ الشَّعْرِ الَّذِي حَولَ الفَرْجِ.
1204 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتف الإبْطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ» قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيْتُ العَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ المَضمَضَةُ. قَالَ وَكِيعٌ - وَهُوَ أحَدُ رُواتِهِ - انْتِقَاصُ المَاءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجَاءِ. رواه مسلم.
«البَرَاجِم» بالباء الموحدةِ والجِيم: وهي عُقَدُ الأَصَابِعِ، وَ «إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» مَعْنَاهُ: لاَ يَقُصُّ مِنْهَا شَيْئًا.
1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأعْفُوا اللِّحَى». متفقٌ عَلَيْهِ.
216 - باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا
قَالَ الله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وقال تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة:5]، وقال تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].<br>1206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1207 - وعن طَلْحَةَ بن عبيد الله - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ ، وَلاَ نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَإذا هُوَ يَسألُ عَنِ الإسْلاَم، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خَمْسُ صَلَواتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لاَ أُزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفْلَحَ إنْ صَدَقَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1208 - وعن ابن عباس - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعث مُعاذًا - رضي الله عنه - إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَأنِّي رسول اللهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أن اللهَ تَعَالَى، افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1209 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم:
«أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِني دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، إِلاَّ بِحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُم عَلَى الله». متفقٌ عَلَيْهِ.
1210 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقال عُمَرُ - رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولوُا لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله»<br>فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ. وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤدُّونَهُ إِلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ لِلقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ. متفقٌ عَلَيْهِ.
1211 - وعن أَبي أيُّوب - رضي الله عنه: أنّ رَجُلًا قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أخْبِرْنِي بعمل يُدْخِلُنِي الجَنَّة، قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1212 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ أعْرَابيًا أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ، دَخَلْتُ الجَنَّةَ. قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا أزيدُ عَلَى هَذَا، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». متفقٌ عَلَيْهِ.
1213 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: بايَعْتُ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
1214 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلاَ فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ، وَجَبِينُهُ، وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ»
قيل: يَا رسولَ الله، فالإبلُ؟ قَالَ: «وَلاَ صَاحِبِ إبلٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَومَ وِرْدِهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ
أوْفَرَ مَا كَانَتْ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا فَصيلًا وَاحِدًا، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ»
قِيلَ: يَا رَسولَ اللهِ، فَالبَقَرُ وَالغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلاَ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلاَ غَنَمٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ، لاَ يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ ، وَلاَ جَلْحَاءُ، وَلاَ عَضْبَاءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونها، وَتَطَؤُهُ بِأظْلاَفِهَا ، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَة حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرَى سَبيِلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ».
قيل: يَا رسول الله فالخَيْلُ؟ قَالَ: «الخَيلُ ثَلاَثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أجْرٌ. فَأمَّا الَّتي هي لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ ربَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أهْلِ الإسْلاَمِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِهَا، وَلاَ رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ أجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله لأهْلِ الإسْلاَمِ في مَرْجٍ، أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ المَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَات وكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أرْوَاثِهَا وَأبْوَالِهَا حَسَنَات، وَلاَ تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا، وَأرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلاَ مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيهَا إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ» قِيلَ: يَا رسولَ اللهِ فالحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيْءٌ إِلاَّ هذِهِ الآية الفَاذَّةُ الجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8]». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.
217 - باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ
قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُم الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} إِلَى قَوْله تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر} [البقرة: 183 - 185].
وَأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الَّذِي قبله.<br>1215 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ - عز وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ. وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ روايةِ البُخَارِي.
وفي روايةٍ لَهُ: «يَتْرُكُ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أجْلِي، الصِّيَامُ لي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا».
وفي رواية لمسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي. للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ».
1216 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ، يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه: بِأبي أنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرورةٍ، فهل يُدْعى أحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأبوَابِ كُلِّهَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، وَأرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1217 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ، يقال: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1218 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1219 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1220 - وعنه - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِحَتْ أبْوَاب الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أبْوَابُ النَّارِ، وَصفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1221 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ، فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ». متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية لمسلم: «فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاَثِينَ يَوْمًا».
218 - باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة من ذَلِكَ في العشر الأواخر منه
1222 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أجْوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبْريلُ، وَكَانَ جِبْريلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ يَلْقَاهُ جِبرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِن الرِّيحِ المُرْسَلَةِ . متفقٌ عَلَيْهِ.
1223 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْر أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَشَدَّ المِئْزَرَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
219 - باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إِلاَّ لمن وصله بما قبله أَوْ وافق عادة لَهُ بأن كَانَ عادته صوم الإثنين والخميس فوافقه
1224 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُم رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَومَهُ، فَليَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1225 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَصُومُوا قَبْلَ رَمضَانَ، صُومُوا لِرُؤيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ حَالَتْ دُونَهُ غَيَايَةٌ فَأكْمِلُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسنٌ صحيح».
«الغَيايَةُ» بالغين المعجمة وبالياءِ المثناةِ من تَحْت المكررةِ، وهي: السحابة.
1226 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلاَ تَصُومُوا». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
1227 - وعن أَبي اليقظان عمارِ بن يَاسِرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
220 - باب مَا يقال عند رؤية الهلال
1228 - عن طلحة بن عبيدِ اللهِ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأى الهلاَلَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأمْنِ وَالإيمانِ، وَالسَّلاَمَةِ وَالإسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن» .